مقالاتمقالات قضايا دوليةمنوعات ريسونيةمواقف

تبرئة الكبار وإعدام الصغار

تبرئة الكبار وإعدام الصغار
قديما حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم بعبارات بليغة.. ولكن الآفة ما زالت مستشرية بصيغ وأشكال مختلفة في عدد من دولنا العربية، وخاصة عند أولئك الذين يزعمون أنهم هم المتمسكون بالسنة؛ إنها الآفة المذكورة في الحديث النبوي الشريف، عن عائشة رضي الله عنها: أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فكلمه أسامةُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتشفع في حد من حدود الله؟! ثم قام فاختطب ثم قال: إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وايمُ الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).
بعض الحكام العرب لم يعودوا يقتصرون على معاقبة الجاني الضعيف دون نظيره “الشريف”، بل أصبحوا يبالغون في التنكيل بالضعيف – ولو كان بريئا وبعيدا عن كل جناية – ويبالغون في تبرئة “الشريف” وتشريفه أكثر فأكثر.
ومن هنا لم يكن مفاجئا ولا مستغربا إجراء محاكمة صورية هزلية، وأن يُحكم بالسجن والإعدام على مجموعة من الصغار المأمورين المكرهين على قتل جمال خاشقجي رحمه الله، وأن تتم تبرئة الكبار الذي خططوا وأشرفوا على قتله، وأن يُستبعد تماما – حتى من مجرد التحقيق الشكلي – أولئك الذين أمروا بقتله، والعالم كله يعرفهم، وعلى الأقل يعرف اثنين منهم..
وكم من الأبرياء حقيقة، الشرفاء حقيقة، يعذبون – منذ سنين – في المعتقلات السرية لآل سعود وآل نهيان، ينتظرون الإعدام أو الموت البطيء، كالذي يقع عند حليفهم حاكم مصر العسكري..!
أحمد الريسوني

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى