إيمانيات

الحج ذكر ودعاء

أ.د أحمد الريسوني

الحج ذكر ودعاء

مما يلفت الانتباه بسرعة وبقوة عند النظر في النصوص والأحكام المتعلقة بالحج والعمرة، ذلك الإلحاح المتكرر كثيرا على ذكر الله في كافة مراحلهما ومناسكهما.

قال تعالى في سورة البقرة ” فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين. ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم. فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا(6)” ثم قال ”واذكروا الله في أيام معدودات…”(7)

وفي سورة الحج نقرأ” ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات”،

ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام”،

”فاذكروا اسم الله عليها صواف”،

” كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم” (8)

فالأمر بذكر الله تعالى والحث عليه والتذكير به هو أمر ملازم كما نرى لكل أعمال الحج ومحطاته. ومن المعلوم أن افتتاح أعمال الحج والعمرة يكون بالتلبية وهي ذكر. وهذه التلبية تستمر وتتكرر حتى تصبح شعارا للحج والحجاج. كما أن وقوف يوم عرفة –الذي هو أعظم أيام الحج وأعظم أعماله– إنما هو يوم ذكر ودعاء. وإذا كان الحديث الشريف يقول ”الحج عرفة” (9) فمعناه ”الحج ذكر ودعاء”.

ويتأكد هذا المقصد الأعظم من مقاصد الحج والعمرة إذا لاحظنا كذلك أن سائر أعمال الحج تكون مصحوبة بالأدعية والأذكار. وليس الجديد الخاص بالحج هو الذكر والدعاء، فهذا قد يتحقق في حياة المسلم كلها وفي عباداته جميعا أو في كثير منها، ولكن الذي يمتاز بهالحج هو هذه الكثافة وهذا التتابع في أيام معلومات وأيام معدودات، وفي أماكن مهيبة ومشاهد خاشعة، تجعل الحاج المعتمر ذاكرا لله في حالة انقطاع وتجرد وتفرغ واستغراق…

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى