ومضات

ومضات.. ميليشيات حفتر ومرتزقة فاغنر الخطر المحدق بالمنطقة..

ومضات
ميليشيات حفتر ومرتزقة فاغنر
الخطر المحدق بالمنطقة
أحمد الريسوني
على غرار عصابات “بلاك ووتر” الأميركية، المتخصصة في تأجير المرتزقة وبيع الخدمات الأمنية والعسكرية الخاصة، التي عملت في العراق وعدة دول خليجية.. ظهرت على الساحة العربية مؤخرا عصاباتُ منظمة “فاغنر” الروسية.
وهي أداة روسية، مخصصة للتدخلات والمهام والجرائم العسكرية السياسية، التي تريدها الدولة الروسية لمصلحتها فيها، ولكنها لا تستطيع تبنيها رسميا؛ لعدم مشروعيتها، ولشدة قذارتها ونكارتها. فتوعز لهذه المنظمة بالتدخل على أساس أنها منظمة خاصة، وأنها تعمل بطلب واتفاق مع دولة معينة، أو حركة محلية متمردة، أو انفصالية..
وهكذا فإن الدولة الروسية تجني بهذه الطريقة أرباحا خالصة، سياسية واقتصادية، دون أن تتكبد لا خسائر مادية ولا معنوية: تجني بيع سلاحها للأمراء الأثرياء الأغبياء، وتتمكن من السيطرة المباشرة على مصادر الثروة ومجريات السياسة، وتضمن مناصب الشغل لمواطنيها التعساء، وتجلب مداخيلهم إلى ماليتها واقتصادها..
وكما قيل قديما: (إن الطيور على أمثالها تقع).. فقد وقعت “فاغنر” الروسية على صيد سمين، وكنز تمين، وشريك أمين: إنه العسكري المتمرد خليفة حفتر مولى آل نهيان. فهو مفتاح مباشر إلى التمويل الإماراتي، وهو جسر مباشر إلى الثروات الليبية.
وأيضا ومن باب (أن الطيور على أشكالها تقع)، فحفتر وفاغنر يحظى مشروعهما بدعم عدد من الدول العربية الحفترية الانقلابية، فقد اعترفت بحفتر زعيما وممثلا للشعب الليبي، وأمدته بالمال والسلاح والاحتضان السياسي والإعلامي.. بينما لو كان مثله في أي دولة أخرى، لكان قد حوكم وأعدم منذ الأيام الأولى لتمرده ومحاولته الانقلابية، فضلا عن جرائمه المتواصلة حتى الآن.
وأما الدول العربية التي لم تنخرط في مشروع حفتر، ولم تؤيده، فقد لزمت الصمت منذ 2014، زاعمة أنها “على مسافة واحدة من جميع الأطراف”، وذلك في انتظار أن تحسم المعركة، فتدينُ الطرف المنهزم وتنضم إلى غريمه المنتصر..
وعلى هذا الأساس واصل كل من حفتر وفاغنر زحفهما على المدن الليبية.. إلى أن حاصرا العاصمة طرابلس، وبدآ قصفها وقضمها شيئا فشيئا..
وهنا جاءت النجدة التركية المباركة. وهي النجدة التاريخية التي لا يسع عربيا أو مسلما أو مؤيدا للشعوب، إلا الترحيب بها وشكر القائمين بها.
لكن، وكما كان متوقعا، قامت قائمة الحفتريين والفاغنريين، وخاصة من العرب والفرنسيين.. والعجب كل العجب أن فرنسا التي تنتشر جيوشها الاستعمارية وقواعدها العسكرية في عديد من الدول العربية والأفريقية، التي تبعد عنها آلاف الكيلومترات، لا يستحيي رئيسها من القيام بحملاته المسعورة ضد نجدة الأتراك لأشقائهم الليبيين، وهو ما يسمونه “التدخل التركي”..
على كل حال، ما أريد الانتباه إليه والحذر منه، هو أن ما فعله ويفعله حفتر وميلشياته، وفاغنر ومرتزقتها، إذا ما نجح لا سمح الله، سيصبح سنة متبعة وطريقا سالكة، لابتزاز الدول وبلقنتها وتفكيكها..
فما يمنع أن يتمرد أي ضابط مغرور له أتباع تحت إمرته، بتنسيق مع إمارة أبو ظبي ومنظمة فاغنر (روسيا)، وأي دولة ذات مصلحة.. ثم يخلقون أمرا واقعا في تونس أو الجزائر أو المغرب أو موريتانيا، أو غيرها..؟ ما يمنع أن يتحالف هؤلاء الحفتريون الفاغنريون، مع البوليساريو أو غيرهم من المجموعات والعناصر الانشقاقية..؟
الحقيقة أنه لن يمنعهم إلا إفشال محاولتهم وتجربتهم في ليبيا. {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَار} [الحشر: 2]

اظهر المزيد

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى