ضيف الموقعمؤلفات أخرى

ملخص نظرية المقاصد عند الشاطبي للدكتور الريسوني

27/12/2010

التعريف

الحكمة والعلة

المقاصد والمعاني

المقاصد قبل الشاطبي: فكرة المقاصد عند الأصوليين

تعليل الشريعة

القسم الأول : قصد الشارع في :

وضع الشريعة

وضع الشريعة للإلهام

وضع الشريعة للتكليف بمقتضاه

وضع المكلف تحت أحكام الشريعة

القسم الثاني : مقاصد المكلف في التكليف ———————————————– مقاصد الشريعة (نظرية المقاصد عند الشاطبي للدكتور الريسوني)

التعريف:  
عند بن عاشور
مقاصد التشريع هي المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها حيث لا تختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام التشريع.
عند علال الفاسي
مقاصد التشريع هي الغاية منها والأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها
وقد ذكر من بين المقاصد العامة، حفظ النظام، جلب المصالح، درء المفاسد، إقامة المساواة.

أما المقاصد الخاصة عنده فهي الكيفيات المقصودة للشارع لتحقيق مقاصد الناس النافعة أو لحفظ مصالحهم العامة في تصرفاتهم الخاصة.
والمقصد العام للشريعة الإسلامية عنده هو عمارة الأرض وحفظ نظام التعايش فيها واستمرار صلاحها وذلح بصلاح المستخلفين عليها.    
عند الدكتور الريسوني
مقاصد الشريعة هي الغايات التي وضعت الشريعة لأجل تحقيقها لمصلحة العباد، ويمكن تقسمها إلى ثلاثة أقسام:

– المقاصد العامة وهي التي تراعيها الشريعة وتعمل على تحقيقها في كل أبوابها التشريعية أو في كثير منها.

– المقاصد الخاصة وهي التي تهدف الشريعة تحقيقها في باب معين أو في أبواب متجانسة من أبواب التشريع كالأحكام العائلية والتصرفات المالية…

– المقاصد الجزئية وهي ما يقصده الشارع من كل حكم شرعي من إيجاب أو تحريم أو ندب أو كراهة، وهو ما عبر عنه الأستاذ علال الفاسي بقوله الأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها وهي التي تنطبق عليها أمثلة الشيخ ابن عاشور ككون عقد النكاح مقصودها إقامة المؤسسة العائلية وتثبيتها أما مشروعية الطلاق فمقصودها رفع الضرر.



علاقة ألفاظ مثل الحكمة والعلة والمقاصد والمعاني بمقاصد الشريعة:

الحكمة والعلة:

الحكمة هي مرادف مقصود الشارع حيث يقال هذا مقصوده كذا أو حكمته كذا وإن كان الفقهاء يستعملون لفظ الحكمة أكثر من لفظ المقصود، ومثاله ما قاله ابن فرحون، في تحديد مقاصد القضاء، وأما حكمته فهي رفع التهارج ورد الثوابت وقمع المظالم ونصر المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.



فذكر الفقهاء للحكمة هو ذكر لمقصود الشارع ولهذا قال الونشريسي “الحكمة في اصطلاح المشرعين هي المقصود من إثبات الحكم أو نفيه ومثال ذلك المشقة التي شرع القصر والإفطار لأجلها. فهل المشقة حكمة ومقصود؟ كلا، ولكن مراد ذلك أن رفع المشقة عن المسافر هو مقصود الحكم وحكمته.

وهذا ما نبه إليه شمس الدين الفناري وهو أصولي حنفي، أن ما يقال في رخص السفر، السبب : السفر والحكمة : المشقة وأمثال ذلك كلام مجازي حيث أن الحكمة الباعثة هي دفع مشقة السفر.

ويؤكد الشيخ بدران أبو العينين بدران هذا التطابق بين مقصود الحكم وحكمته في اصطلاح الفقهاء وأن جمهور الفقهاء يذهبون في اجتهاداتهم إلى أن ما شرعه الله من أحكام لم يشرعه إلا لجلب مصلحة أو لدرء مفسدة، فلهذا كانت تلك المصلحة هي الغاية المقصودة أي الحكمة، وحكمة الحكم هي الباعث على تشريعه وهي المصلحة التي قصدها الشارع من الحكم.



وبالنسبة للدكتور عبد العزيز الربيعة فقد لاحظ أن لفظة الحكمة عند الأصوليين تطلق على نحويين :

النحو الأول، الحكمة هي المعنى المقصود من شرع الحكم وذلك هو المصلحة أو المفسدة التي قصد الشارع بتشريع الحكم سواء جلبها أو درئها.

النحو الثاني، الحكمة هي المعنى المناسب لتشريع الحكم أي المقتضى لتشريعه كالمشقة.



العلة وهي لفظ يعبر به عن مقصود الشارع وبالتالي فهو مرادف لمصطلح الحكمة ثم غلب عليه استعماله فيما بعد بمعنى الوصف الظاهر المنضبط الذي تناط به الأحكام الشرعية.



ومثاله في باب الرخص، يعتبر رفع المشقة عن الناس والتخفيف عنهم هي الحكمة المقصودة وهي العلة الحقيقية للرخص الشرعية، غير أن المشرع لم يعط رخصا للمكلفين كلما وجدوا عنتا ولكن حدد أسبابا معينة هي ما أطلق عليه الأصوليون الأوصاف الظاهرة المنضبطة أو العلل التي بناء عليها يقع الترخيص ومن ذلك السفر، المرض الاضطرار وغيره.

أما ما سوى ذلك من صور المشاق مما لم يسمه الشارع فقد ترك تقديره وتقدير ما تستحقه من ترخيصات للمجتهدين.



ومثاله كذلك الطهارات بمختلف صورها، من حيث أن إشاعة التطهير والتنظيف في حياة الناس هي الحكمة والمقصود وهي العلة الحقيقية لأحكام الطهارات.

فالشارع ناط أحكام الطهارات بأسباب وعلل ظاهرة منضبطة تكرر في حياة الناس بكيفية تفضي إلى تحقيق المقصود.

فهذه الأوصاف والأمارات الظاهرة المنضبطة يطلق عليها لفظ العلل أو الأسباب. والسبب الحقيقي هو مقصود الحكم وحكمته من جلب مصلحة أو درء مفسدة أو هما معا. والمشرع يربط الأحكام بأمارات ظاهرة منضبطة تجنبا للميوعة والفوضى في التشريع.



واستعمالات لفظ العلة أخذت ثلاثة أوج، حسب الدكتور مصطفى شلبي،

– ما يترتب على الفعل من نفع أو ضرر.

– ما يترتب على تشريع الحكم من جلب مصلحة أو درء مفسدة.

– الوصف الظاهر المنضبط الذي يترتب على تشريع الحكم عنده مصلحة للعباد.

فإنه يصح تسمية هذه الأمور الثلاثة بالعلة.



وأما الشاطبي، فقد عرف العلة بكونها الحكم والمصالح التي تعلقت بها الأوامر أو الإباحة والمفاسد التي تعلقت بها النواهي.

فالمشقة علة إباحة القصر والإفطار في السفر، والسفر هو السبب الموضوع سببا للإباحة.

وهكذا فقوله صلى الله عليه وسلم (لا يقضي القاضي وهو غضبان) فالغضب سبب وتشويش الخاطر عن استيفاء الحجج هو العلة.

وهذا ما ذهب إليه الشاطبي من تفسير العلة بالمصلحة والمفسدة المقصودة بالحكم. فالبحث في المقاصد هو بحث في العلل الحقيقية التي هي مقاصد الأحكام بغض النظر عن كونها ظاهرة أو خصية منضبطة أو لا.



المقاصد والمعاني:

مصطلح المعاني مصطلح كثيرا ما يعبر به عن المقاصد خاصة عند الفقهاء حيث يقولون شرع هذا الحكم لهذا المعنى.

أما عند الشاطبي، التعبير عن المقاصد بالمعاني فهو كثير ومن ذلك قوله الأعمال الشرعية ليست مقصودة لنفسها وإنما قصد بها أمور أخرى هي معانيها وهي المصالح التي شرعت لها.

كما نجد هذا الاستعمال عند الغزالي وهو قوله المفهوم من الصحابة اتباع المعاني وقبل الغزالي نجده عند أستاذه أبو المعالي الجويني إمام الحرمين خاصة في كتابه الاستدلال من البرهان.

وقد استعمل هذا المصطلح عند الطبري قبلهم حيث يستعمله كمرادف تماما للمقاصد من خلال تحديده لمقاصد الزكاة (أن الله جعل الصدقة في معنيين).

ورغم إنكاره لهذا الإطلاق بالنظر لظاهريته فابن حزم أكد ضمنيا ما تقدم من إطلاق لفظ المعاني والمعنى على مقاصد الأحكام.

المقاصد قبل الشاطبي

أولا : فكرة المقاصد عند الأصوليين

– الترميدي، الذي يعد من أقدم العلماء الذين استعملوا لفظ المقاصد حيث وضع كتابا خاصا في المقاصد الشرعية وهو كتاب (الصلاة ومقاصدها)، ومن نماذج تعليله وتحليله لمقاصد الصلاة نجد أن ذكر الله يرطب القلب ويلينه ومثل المشتغل قلبه عن ذكر الله بذكر الشهوات بالشجرة التي منعت الماء فذبلت أغصانها ويبست حتى صارت قابلة للكسر وبالتالي كان مصيرها أن أصبحت وقودا للنار فكذلك القلب ييبس إذا خلا من ذكر الله وأصابته حرارة النفس وملذات الشهوات فامتنعت الأركان عن الطاعة فكان مصيرها النار.

إضافة إلى محاولته تخريج الفرائض الشرعية تخريجا عقليا (على اعتبار أنه اعتبر صوفيا فيلسوفا) وذلك في كل كتبه كعلل العبودية وشرح الصلاة والحج وأسراره…

– أبو منصور الماتريدي، وهو من أئمة السنة له عدة مؤلفات أصولية ضاعت باستثناء ما تكلم عنه فتح الله خليف من مؤلفات وعن تفسيره تأويلات أهل السنة.

– أبو بكر القفال الشاشي والملقب بالقفال الكبير، الذي يعد من كبار الأصوليين المتقدمين وإمام الشافعية في عهده وأحد شراح الرسالة للشافعي، من مؤلفاته أصول الفقه ومحاسن الشريعة وهذا الأخير له صلة وطيدة بموضوع مقاصد الشريعة على اعتبار أنه لا يتأتى إبراز محاسن الشريعة دون كشف حكمها ومقاصدها.

– أبو بكر الأبهري، وهو أحد علماء المالكية ممن اهتموا بالمقاصد، وله عدة مصنفات في شرح مذهب الإمام مالك والاحتجاج له والرد على من يخالفه.

ومن مؤلفاته مسألة الجواب والدلائل والعلل، وكلمة علل توضح جليا أهمية المؤلف في المقاصد.

– الباقلاني، ولقبه شيخ السنة ولسان الأمة ويعد مجدد المائة الرابعة وقد انتقل بالتأليف الأصولي إلى مرحلة التوسع الشمولي وإلى مرحلة التمازج والتفاعل مع علم الكلام.

له عدة مؤلفات تشير إلى التحول الذي عرفه علم الأصول منها مؤلفه الضخم التقريب والإرشاد في ترتيب طرق الاجتهاد.

– إمام الحرمين أبو المعالي الجويني، ويشكل هذا العالم حلقة كبيرة وبارزة في تاريخ علم الأصول ولعل مؤلفه البرهان لخير دليل على ذلك حيث أصبح هذا المؤلف منطلق الكتابة والتأليف في أصول الفقه لمن بعده.

وأما بخصوص المقاصد فللجويني ريادة لا تنازع، وتتجلى ريادته في كثرة ذكره وتنبيهه للفظ المقاصد، حيث استعمل لفظ المقاصد والمقصود والقصد عشرات المرات في مؤلفه البرهان كما يعبر عن المقاصد بلفظ الغرض والأغراض مثال ذلك تعرضه للطهارات والغرض مهنا ثم انتقل للتيمم وهو طهارة يصعب تعليلها.

إلا أن أهم مساهماته في الموضوع هو التقسيم الخماسي لمقاصد الشريعة، قسم أول يتعلق بالضروريات كالقصاص الذي معلل بحفظ الدماء المعصومة، قسم ثاني ويتعلق بالحاجات العامة كالإجارة بين الناس وقسم ثالث وهو ما ليس ضروريا ولا حاجيا حاجة عامة وإنما هو من قبيل التحلي بالمكرومات والتخلي عن نقائضها كالطهارات، وقسم رابع وهو ينحصر في المندوبات حيث لا يتعلق لا بحاجة ولا ضرورة، أما القسم الخامس فلا يظهر له تعليل واضح ولا مقصد محدد لا من باب الضروريات ولا الحاجيات والمكرومات وهذا نادر في الشريعة الإسلامية التي تنبني على مقاصد واضحة وفوائد ملموسة وقد مثل هذا القسم بالعبادات البدنية المحضة والتي أكد أنه يمكن تعليلها تعليلا إجماليا وهو أنه تمرن العباد على الانقياد لله تعالى وتجديد العهد بذكره.

وخلاص القول عن إمام الحرمين أبو المعالي الجويني هو كونه صاحب الفضل والسبق في التقسيم الثلاثي لمقاصد الشارع (ضروريات، حاجيات، تحسينات) على اعتبار أن القسم الرابع يمكن ذمجه مع القسم الثالث أما الخامس فبالتركيز يمكن فهم أنه قد قسمه ضمنيا إلى ما يعلل وهو يدخل ضمن الأقسام الثلاث وما لا يعلل وهذا لا يدخل ضمن المقاصد.

– الغزالي، الذي يعتبر امتدادا لأستاذه الجويني إمام الحرمين، وقد تعرض الغزالي لذكر المقاصد في سياق كلامه على مسلك المناسبة من مسالك التعليل، وهذا المسلك يقوم على أساس تعليل الأحكام الشرعية بما تتضمنه وتفضي إليه من جلب المصلحة أو دفع المفسدة وذاك قوله المعاني المناسبة ما تشير إلى وجوه المصالح وأماراتها، والمصلحة ترجع إلى جلب منفعة أو دفع مضرة، فالمناسبات المصلحية التي يصح التعليل بها هي التي تتضمن رعاية المقصود من مقاصد الشارع، وهو ما نجده في مصنفه المستصفى الذي كان أوضح وأنضج في علم الأصول.

والمصلحة عند الغزالي هي المحافظة على مقصود الشارع فكل مصلحة لا ترجع إلى حفظ مقصود من الكتاب والسنة والإجماع وكانت لا تلائم تصرفات الشارع فهي باطلة. أما المصلحة التي ترجع إلى مقصود شرعي مقصودا بالكتاب والسنة والإجماع فهو مصلحة مرسلة ولا يسمى قياسا.

كما حدد في كتابه شفاء الغليل أمهات المقاصد الشرعية حيث نجد يقسم مقصود الشرع إلى ديني ودنيوي (حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ البضع، حفظ المال) سرعان ما تخلى عن هذا التقسيم خاصة في مصنفه المستنصفى وأعاد تقسيم هذه المقاصد بحسب درجة قوتها ووضوحها إلى الضروريات والحاجيات والتحسينات.

– فخر الدين الرازي، إضافة إلى اعتبار كتابه المحصول بمثابة تلخيص لكتب المعتمد لأبي الحسين البصري والبرهان للجويني والمستصفى للغزالي، فيمكن ذكر للرازي دفاعه عن التعليل في الوقت الذي أصبحت فيه فكرة التعليل تتعرض للتراجع والتشكيك، وعدم التزامه بترتيب الغزالي للضروريات الخمس حيث نجده يذكرها تارة نحو النفس والمال والنسب والدين والعقل وتارة أخرى نحو النفوس والعقول والأديان والأموال والأنساب ومما يلاحظ عليه استبداله للنسل بالنسب علما أن التعبير بالنسل هو الأصح لأن المقصود هو حفظ النسل.

– سيف الدين الأمدي، الجديد الذي أتى به هو إدخال المقاصد في باب الترجيحات وبالذات في الترجيح بين الأقيسة المتعارضة حيث نص على ترجيح المقاصد الضرورية على الحاجية وهذه على التحسيات والمصالح الأصلية على مكملاتها ومكملات الضروريات على مكملات الحاجيات كما تطرق إلى بيان كيفية ترتيب الضروريات والترجيح بينها بناء على ذلك.

وهكذا، ورغم أنه اتفق مع الغزالي حول المقاصد الخمسة والتي ذكر أنها لا تخل من رعايتها ملة من الملل ولا شريعة وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال إلا أنه عند تفصيل القول في الترجيح بينها، اختار تقديم النسل والنفس على العقل مقدما عللا على ذلك منها أن حفظ العقل إنما هو فرع لحفظ النفس والنسل.

أما بخصوص ترجيحه لحفظ الدين على حفظ النفس فذلك نظرا إلى مقصود الدين وتمرثه من نيل السعادة الأبدية بجوار رب العالمين مستدلا على ذلك بقوله تعالى {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.

– ابن الحاجب، وعنده المقاصد ضربان، ضروري في أصله كالمقاصد الخمسة حفظ (الذين والنفس والعقل والنسل والمال) وغير ضروري وهو ما تدعو الحاجة إليه في أصله كالبيع والإيجار، أما في باب الترجيحات، فقد عمد إلى ترجيح الضروريات على الحاجيات واتبع نفس طريق الأمدي…

– البيضاوي، قسم المقاصد إلى أخروي ومنها تزكية النفس، ودنيوي وهي إما ضرورية كحفظ النفس بالقصاص والدين بالقتال وإما مصلحية كنصب الوالي للصغير وإما تحسينية كتحريم القادورات.

– الإسنوي، والتزم بالترتيب السابق للضروريات واكتفى فيما يخص باب الترجيحات بما قام به الأمدي.

وما تجدر إليه الإشارة، أن ترتيب الضروريات كان من وضع الأصوليين الشافعيين ثم تابعهم الماليكية والحنفية إلا أن هذه المسألة لا علاقة لها بالتمذهب الفقهي وإنما تظل اجتهادات شخصية.

– ابن السبكي، ذكر الضروريات حسب ترتيب الغزالي مع استبدال النسل بالنسب وإضافة سادسا إلى الضروريات الخمس حفظ (الدين والنفس والعقل والنسب والمال والعرض).

وقد دافع الشوكاني عند الزيادة إلى الضروريات الخمس معللا هذه الإضافة عند المتأخرين بكون العقلاء يبذلون أنفسهم وأموالهم دون عرضهم وما فدي بالضروري فهو بالضرورة أولى.

فيما اعترض الشيخ ابن عاشور على من جعلوا حفظ العرض من الضروريات واعتبره من الحاجيات كما لم يقبل جعل حفظ النسب من الضروريات إلا باعتباره يفضي إلى حفظ النسل.

– عزالدين بن عبد السلام، واشتهر بكتابه قواعد الأحكام في مصالح الأنام وهو كتاب في مقاصد الشريعة، وينص أي هذا الكتاب على معظم مقاصد القرآن، الأمر باكتساب المصالح وأسبابها والزجز عن اكتساب المفاسد وأسبابها.

وبن عبد السلام ممن يرون أن الشريعة الإسلامية كلها معللة بجلب المصالح ودرء المفاسد سواء منها ما وقع النص على تعليله أو ما لم ينص عليه.

وأكد أن الكلية في تعليل أحكام الشرع تقصد مصلحة العباد الدنيوية منها والأخروية كما حدد المقصود من العبادات بكونها إجلالا لله وتعظيمه ومهابته والتوكل عليه والتفويض إليه. وأما التعليلات والمقاصد الجزئية للأحكام الشرعية فهذا الكتاب مليء بها.

– ابن تيمية، بين أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وأنها ترجح خير الخيرين وشر الشرين وأن الله أمر عباده بأن يبذلوا غاية وسعهم في التزام الأصلح فالأصلح، واجتناب الأفسد فالأفسد، وأن مدار الشريعة على قوله تعالى : }فاتقوا الله الله ما استطعتم{ وعلى قوله صلى الله عليه وسلم “إذا أمرتكم بأمرفاتوا منه ما استطعتم”.

وكنموذج لكلام ابن تيمية في المقاصد هو بيانه لمقاصد الولايات الشرعية وأنه على المرء أن يعلم أن جميع الولايات في الإسلام مقصودها أن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا، وأن مقاصد الولايات الشرعية إنما هي امتداد لوظيفة الأنبياء وفرع لها.

وعندما تكون مقاصد الخلق هي مقاصد الشرع فإنهم يسيرون على هدى هذا القانون ووفق ذلك يتم اختيار للمناصب والولايات أصلح الناس لتحقيق مقاصدها الرامية.  



تعليل الشريعة

نص الشاطبي على أن استقراء الشريعة يفيد علما قطعيا بأن الشريعة إنما وضعت لمصالح العباد وأن هذا التعليل مستمر في جميع تفاصيل الشريعة، ومن النصوص المتضمنة لتعليل الشريعة تعليلا عاما نجد قوله تعالى : }وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين{ ومن النصوص المتضمنة لتعليل الشريعة تعليلا جزئيا لبعض أحكامها نجد قول تعالى : }ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون{.

تقسيم المقاصد:

قسم الشاطبي المقاصد إلى قسمين، قصد الشارع وقصد المكلف.

القسم الأول- قصد الشارع

فبالنسبة لقصد الشارع فقد قسمه إلى أربعة أنواع،

النوع الأول: قصد الشارع في وضع الشريعة.

النوع الثاني: قصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام.

النوع الثالث: قصد الشارع في وضع الشريعة للتكليف بمقتضاه.

النوع الرابع: قصد الشارع في وضع المكلف تحت أحكام الشريعة.



النوع الأول: قصد الشارع في وضع الشريعة.



بالنسبة للشاطبي، تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق، وهذه المقاصد لا تغدو عن ثلاثة أقسام، ضرورية، حاجية وتحسينية.

أما بالنسبة للضرورية فهي تلك التي لا بد منها لقيام مصالح الدين والدنيا وفي فقدانها اختلال ذلك، وعلى قدر فقدانها يكون الفساد والتعطيل في نظام الحياة. والمقاصد الضرورية التي تبث بالاستقراء أنها خمسة هي حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل.

أما بالنسبة للحاجية فهي تلك التي يتحقق بها رفع الضيق والحرج عن حياة المكلفين.

أما بالنسبة للمقاصد التحسينية فهي التي لا ترقى إلى الضرورية أو الحاجية ولكنها تتمم وتحسن تحصيلهما ومن ذلك محاسن العادات ومكارم الأخلاق والأداب.



أما حفظ الشريعة للمصالح فيتم بوجهين يكمل أحدهما الآخر: حفظهما من جانب الوجود وحفظهما من جانب العدم وذلك من خلال ما يؤدي إلى إزالتهما أو إفسادها أو تعطيلها.

ومثال ذلك، حفظ الدين، من جانب الوجود تحقق حفظه العقائد الأساسية والعبادات الرئيسية (صلاة وزكاة)، أما من جانب العدم فيحفظ بالجهاد وقتل المرتدين ومنع الابتداع. فيما تؤدي أحكام العادات والمعاملات إلى حفظ بقية الضروريات من جانب الوجود وأحكام الجنايات تؤدي إلى حفظها في جانب العدم.

والمصالح الضرورية الخمس المذكورة تعتبر أصول المصالح، أما المصالح الحاجية فهي مكملة للضرورية وكذا التحسينية فكل المصالح تدور في فلك الضروريات. وبيان ذلك أن الصلاة لها شروط ومكملات كالطهارة واستقبال القبلة إذا تعذر أحد الشروط وبقيت المكملات ضاع الأصل وهو الصلاة. ومنها كذلك البيوع ذلك أنه من شروط البيع انتفاء الغرر إلا أن هذا الشرط في بعض البيوع قد يكون متعدرا أو عسيرا وبالتالي نكون أمام أمرين إما تعطيل البيع وهو ضروري أو نمضي في البيع مع تقليل الغرر وهذا هو الصحيح حتى لا يتعطل البيع.

فالشارع جعل المصالح يكمل بعضها بعضا ويخدم بعضها بعضا ولا ينبغي أن تستعمل في تعطيل بعضها البعض ولكنها موضوعة ليقوي بعضها بعضا.

وعلى هذا الأساس، نجد الشاطبي بعد أن قرر أن المقاصد الضرورية أصل للحاجية والتحسينية فصل ذلك في خمسة قواعد أن:

1- الضروري أصل لما سواه من الحاجي والتكميلي،

2- اختلال الضروري يلزم منه اختلال الباقيين بإطلاق،

3- لا يلزم من اختلال الباقيين اختلال الضروري،

4- قد يلزم من اختلال التحسيني بإطلاق أو الحاجي بإطلاق اختلال الضروري بوجه ما،

5- ينبغي المحافظة على الحاجي والتحسيني للضروري.



النوع الثاني: قصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام



وقد وردت فيه خمسة مسائل، يمكن إرجاعها إلى مسألتين، الشريعة عربية، والشريعة أمية. وعلاقة المسألتين بالمقاصد تتجلى من جهة في الفهم السليم للشريعة ومقاصدها وهذا لن يتأتى إلا من خلال فهم المقصود من السألتين.

فالمقصود من المسألة الأولى أي الشريعة عربية، أن فهم هذه الشريعة لن يتأتى إلا إلا بلسان عربي يفهم على اعتبار أن القرآن كمصدر أول للشريعة نزل بلسان عربي مبين.

أما المقصود من المسألة الثانية أي الشريعة أمية فلأن أهلها أي الذين نزلت فيهم هم أميون.



النوع الثالث: قصد الشارع في وضع الشريعة للتكليف بمقتضاها



وهنا تناول الشاطبي مقاصد الشريعة في التكليف وحدود ما قصده مما لم يقصده في تكاليفه للعباد.

– التكليف بما لا يطاق، هذا الأمر منفي عن الشريعة إجمالا وإن ظهر بداية أن القصد إلى التكليف بما لا يدخل تحت قدرة العبد فإنما مرجعه في الحقيق إلى سوابقه أو لواحقه أو قرائنه.

مثال، إذا أمر الله المؤمنين بالتحابب (وهذا خارج عن قدرتهم) فالمقصود ما يؤدي إلى الحب من أساباب سابقة أو مقارنة ولا حقة تقويه وترسخه وليس المقصود بالتكليف حصول الحب ذاته.

– المشتبهات أي ما لا يدري أيطاق أم لا، فيتصرف التكليف إلى سوابقها ولواحقها، حيث تثمثل في الصفات الباطنية من كبر وحسد وحب الدنيا والشجاعة والجبن.

– التكليف بما فيه مشقة وهو أمر يكثر فيه الغموض والالتباس والحيرة، فالشارع لم يقصد إلى التكليف بالمشقة والنصوص كثيرة نافية للحرج مصرحة باليسر والسماحة في أحكام الشريعة ومقاصدها ولعل ما يوضح ذلك الرخص الواردة في تكاليف الشرع مما يؤكد عدم قصد الشارع المشقة في التكاليف، والشارع يقصد ما في ذلك من المصالح العائدة للمكلف في الدنيا والأخرة، وللمكلف أن يقصد العمل الذي يعظم أجره لعظم مشقته من حيث هو عمل مثاله مشقة الحج والجهاد في سبيل الله.



والشاطبي تطرق إلى علة الحرص الشرعي على رفع الحرج ولخصها في أمرين:

À أولهما الخوف من الانقطاع عن الطريق وبغض العبادة وكراهة التكليف.

À ثانيهما خوف التقصير عند مزاحمة الوظائف المتعلقة بالعبد مثل قيامه على أهله وولده إلى تكاليف أخرى تأتي في الطريق.

ولعل المقصود من رفع الحرج والمشقة عن التكاليف هو المداومة على العمل والتوازن في أداء الواجبات دون إفراط أو تفريط.

أما ما يعرف بمشقة مخالفة الهوى فالشارع لم يقم لها وزنا لأن قصد الشارع بوضع الشريعة هو إخراج المكلف من اتباع هوى نفسه حتى يكون عبدا لله. والأمر الذي نبه إليه الشاطبي هو أن المشقة التي تستحق أو لا تستحق التخفيف تقاس بالنظر إلى العمل الذي يستلزمها ومدى ضروريته وأهميته. ومثاله لا تقاس مشقة ركعتي الضحى كما تقاس مشقة صلاة الصبح ولا مشقة هاتين بالمشقة اللازمة في الحج أو في الجهاد.

وحسب الشاطبي، فالتشريع جاء في الاصل على الطريق الأعدل حيث جاءت معظم التكاليف في اعتدال يناسب عامة المكلفين، إلا أنه في حالة انحراف المكلف واتجاهه في طريق الانحلال واتباع الهوى والشهوات فالتشريع هنا يأتي مائلا إلى جهة الزجر والتشديد لإرجاع المكلف إلى الاعتدال.

أما إذا كان الانحراف إلى جهة الغلو في الدين فالتشريع يأتي بالتيسير والتخفيف والترخيص والترغيب في طيبات الحياة.



النوع الرابع: قصد الشارع في دخول المكلف تحت أحكام الشريعة



إن قصد الشارع في دخول المكلف تحت أحكام الشريعة هو ألا يستثنى أحد وألا يخرج شيء أبدا عن أحكامها فهي بحسب المكلفين كلية وعامة أي لا يختص بالخطاب بحكم من أحكامها الطلبية البعض دون البعض الأخر وجارية على مختلفات أحوالهم فهي عامة أيضا بالنسبة إلى عالم الغيب والشهادة من جهة كل مكلف.



والمسائل التي تدخل ضمن هذا النوع أي قصد الشارع في دخول المكلف تحت أحكام الشريعة، تتجلى في المقصد الشرعي من وضع الشريعة وهو إخراج المكلف من داعية هواه ليكون عبدا لله، والدخول تحت نظام الشريعة الذي يكفل سعادة الدنيا والأخرة لكل من تمسك به وكل ذلك يوضح أن قصد الشارع الخروج عن اتباع الهوى والدخول تحت التعبد للمولى، ومن المواقع التي تنبني عن ذلك، أن كل عمل اتبع فيه الهوى بإطلاق دون النظر إلى الأمر أو النهي أو التخيير فهو باطل بإطلاق وأي عمل اتبع فيه بإطلاق الأمر أو النهي أو التخيير فهو حق، وكذا اتباع الهوى وإرضاء هوى النفس وإن كان في الخير والمباحات فسيؤدي حتما إلى العمل لإرضاء النفس مع إغفال قيود الشرع وبالتالي تجاوز أحكام الشريعة والدخول في المحظورات.



أما مسألة النيابة في الأعمال وهي من مقاصد الشارع في دخول المكلف تحت أحكام التكليف وذلك من قبيل المعاملات كعقد العقود وتنفيذها وحلها والالتزامات المالية والتي تصح فيها النيابة شرعا فهي رهينة بتحقيق حكمتها أو مقصودها، ويستثنى من ذلك العبادات حيث تبطل العبادات بالنيابة وذلك لعدة اعتبارات منها النقلية والمتجلية أساسا في النصوص كقوله تعالى : [ولا تزر وازرة وزر أخرى] وقوله تعالى [ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير].

ولتعميق البحث في ذلك، قسم الشاطبي المقاصد إلى أصلية وأخرى تبعية:

À المقاصد الأصلية فلا حظ للمكلف فيها وهي الضروريات أي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال حيث يعاقب في حالة ضياعها.

À المقاصد التبعية فهي التي روعي فيها حظ للمكلف أي حصوله على حظ من الاستمتاع المباح الذي رسمه الشارع من حدود وقيود وهذه وإن كانت مفروضة فهي تعود بالنفع على المكلف ومثاله الحفاظ على النفس والنسل وهما من المقاصد الأصلية يستمتع المكلف بمتع وحظوظ هي من قبيل المقاصد التبعية.

ومن ذلك الفوائد والحظوظ التي يجنيها المكلف من العبادات التي هي من المقاصد الأصلية وهي كثيرة منها احترام الناس وثقتهم بالمكلف.

ورغم مشروعية العمل بدافع من المقاصد التبعية إلا أنه وجب مراعاة قصد تحقيق المقاصد الأصلية بغية نيل الثواب في الدنيا والأخرة.

واما التعليل النظري فيأتي تحكيم المقاصد في المقدمة ذلك أن المقصد من العبادات هو الخضوع لله والتوجه إليه والانقياد تحت حكمته وعمارة القلب بذكره والسعي وراء مراضاته وهذا لن يتأتى بالنيابة لأن العبادات محلها القلب.

وانطلاقا من مدح الله عز وجل المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون وقوله صلى الله عليه وسلم “أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل” يندرج مقصود آخر من مقاصد الشارع في دخول المكلفين تحت التكليف وهو مقصود الشارع في الأعمال دوام المكلف عليها. ولأجل ذلك وضع التكاليف على التوسط وأسقط الحرج وعدم التشديد.


القسم الثاني- مقاصد المكلف في التكليف



تعتبر مقاصد المكلف في التكليف عنصرا حيويا وجب البحث فيه حتى لا تظل مقاصد الشارع حبرا على ورق وقد تناوله الشاطبي من خلال عدة مسائل نوجزها فيما يلي:

· الأعمال بالنيات والمقاصد معتبرة في التصرفات من العبادات والعادات. ذلك أن قصد المكلف من فعله هو الذي يجعل فعله صحيحا أو باطلا، عبدة أو رياء، فرضا أو نافلة، إيمانا أو كفرا.

· قصد الشارع من المكلف أن يكون قصده من عمله موافقا لقصده في التشريع. ذلك أنه إذا كان قصد الشارع المحافظة على الضروريات إضافة إلى تحقيق مصلحة العباد فعلى هذا يجب أن يأتي تكليف العبد الذي وجب عليه أن يكون قائما على ما استخلفه الشارع عليه إذ يعتبر خليفة له ولن يتأتى له ذلك إلا باتباع أحكام ومقاصد الشارع.

ولكي يتأتى لكل المكلفين معرفة قصد الشارع في أعمالهم، وضع الشاطبي أمامهم ثلاثة خيارات إما:

– أن يكون قصد المكلف من عمله ما فهمه من قصد الشارع من غير إغفال لقصد التعبد.

– أو أن يقصد ما عسى أن يكون الشارع قصده من غير تحديد.

– أو أن يقصد مجرد امتثال لأمر الشارع والخضوع لحكمه.

فيما أورد باقي المسائل كتطبيقات وقواعد تطبيقية، كحصر الحالات الموافقة والمخالفة بين المكلف والشارع وهي:

– أن يكون المكلف موافقا للشارع في القصد والفعل وهذا هو المطلوب من المكلف.

– أن يكون مخالفا للشارع قصدا وفعلا وهو باطل.

– أن يكون موافقا للشارع في الفعل ولكن مخالفا له في القصد وهنا التمييز بين عدم علمه بالموافقة الفعلية مع قصد الشارع فيكون آثما في حق الشارع (الله) وبين علمه بالموافقة الفعلية وهنا يدخل المكلف تحت إثم الرياء والنفاق والتحايل على أحكام الله فيكون أشد.

– أن يكون مخالفا للشارع في الفعل موافقا له في القصد وهنا نميز بين علمه بالمخالفة الفعلية حيث يكون في غالب الأحيان متأولا معتمدا على حسن القصد وهم المبتدعين وبينى عدم علمه بالمخالفة الفعلية وهنا وجهتان نظر:

الأولى: النظر إلى كونه موافقا في نيته وقصده (إنما الأعمال بالنيات) وأما مخالفته فجاءت عن غير قصد وعن غير علم منه.

الثانية: النظر إلى كونه مخالفا عمليا للشارع ولهذا فإن قصده لم يحقق قصد الشارع حيث أن قصد الشارع إنما يتحقق بالفعل والفعل هنا مخالف.



· التعارض بين مصالح ومفاسد المكلف مع غيره، وهنا عرض الشاطبي الحالات الثمانية التي حصر فيها التعارض بين مصالح الناس (لم أستطع استيعابها).



أما بخصوص مسألة الحيل أو التحايل على الأحكام الشرعية حيث يقصد بها إسقاط الأحكام الشرعية أو التهرب من آثارها، وحكمها وربطها بمقاصد الشارع، فحيث أن الأعمال ليست مقصودة لنفسها ولكن قصد بها أمور أخر هي معانيها وهي المصالح التي شرعت لها فكل عمل من ذلك على غير هذا الوضع فهو غير مشروع.

ومثال ذلك الزكاة، المقصود من مشروعية الزكاة هو رفع رذيلة الشح ومصلحة إرفاق المساكين وبالتالي من وهب ماله في أخر الحول هروبا من الزكاة فعمله هذا غير مشروع رغم ما تمثله الزكاة من إرفاق وإحسان للموهوب له وجلب لمودته ومآلفته إلا أنها في هذه الحالة كانت مقصودة للتهرب من الزكاة فكان بالتالي القصد الغير الشرعي هادما للقصد الشرعي.



وكخاتمة تناول الشاطبي بيان معرفة مقصود الشارع، وهنا قسم الناس في موقفهم من المقاصدوكيفية معرفتها إلى ثلاثة أصناف:

ü صنف يرى أن لا سبيل إلى معرفة مقاصد الشارع إلا من خلال التنصيص عليها وهم الظاهرية.
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى