حوارات صحفية

في حوار قديم عن أحداث 16ماي والتطرف وحقيقة التسامح

أ.د أحمد الريسوني

حاوره نبيل غزال

هوية بريس – الجمعة 15 ماي 2015


1- مرت 12 سنة على أحداث الدارالبيضاء الإجرامية؛ فمن وجهت نظركم هل ساهمت السياسة الأمنية في الحد من الغلو والتطرف؟


– بدون شك فالتدابير الأمنية لها أثرها ومردوديتها، ولكن توجد عوامل ومؤثرات أخرى في الموضوع:
– منها محدودية القابلية لثقافة العنف وفكر التكفير في أوساط الشباب المغربي المتدين، وفي أوساط الشعب المغربي عامة.
– ومنها الأثر الإيجابي للحركات الإسلامية السلمية الرافضة للعنف.
– ومنها وجود حركة سلفية رشيدة معتدلة منفتحة تشكل بديلا عن الغلو والعنف. وأعتقد أن جريدة السبيل تقدم تعبيرا مشرقا ومشرّفا لهذه السلفية.
– ومنها أن السياسة الرسمية للدولة تحاشت الوقوع في منزلق محاربة التدين والثقافة الإسلامية، بل أبقت على أبوابها مفتوحة ومؤسساتها قائمة.
– ومنها الخطوات الإصلاحية التي شهدها المغرب في المجال السياسي، وسمحت للإسلاميين بالعمل والإسهام في هذا المجال.


2- من هو التيار المستفيد مما تلا 16 ماي من تضييق وقمع للحريات؟


– بدون شك هم أعداء التدين أولا، وهم ثانيا الخصوم السياسيون والإديولوجيون للحركة الإسلامية والفكر الإسلامي. هؤلاء جميعا ابتهجوا واحتفلوا وما زالوا يحتفلون بجريمة 16 ماي، واستغلوها أبشع استغلال، وضغطوا بها على الدولة وعلى الرأي العام، لأجل الوصول إلى تجفيف ومنع كافة المنابع والمراتع الإسلامية، التعليمية والثقافية والدعوية والتربوية.
وما إغلاق العشرات من دور القرآن عنا ببعيد. بل حتى دار الحديث الحسنية، وحتى شعب الدراسات الإسلامية، سعوا في محاولات إغلاقها. ولكن الله خيب مساعيهم وأحبط أعمالهم.


3- من خلال متابعتكم الحثيثة للشأن الوطني؛ من يجب أن يتسامح مع الآخر: الإسلاميون أم العلمانيون؟


– ما يجب تحريره أولا هو معنى التسامح ومفهوم التسامح. فالتسامح من الألفاظ المستعملة بكثير من الإبهام والتلبيس.
التسامح الذي ندعو إليه ونتمسك به يتضمن عدم التشدد في الدين، وعدم التشديد على الناس، والتعامل معهم بالتيسير والرفق وحسن الظن، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، دون إكراه ولا ضغط على أحد. كما أن من سماحة الإسلام وأخلاق الإسلام أن يتنازل المسلم ويتغاضى حتى عن بعض حقوقه. وقد جاء في الحديث النبوي الصحيح «رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى».
لكن ليس من التسامح التنكر أو التملص من بعض أحكام الشرع ونصوصه الثابتة الواضحة، التي لا تعجب هؤلاء أو أولئك.
ونحن نرى في هذا العصر أن رواد اللاتسامح الحقيقي، ودعاة الإقصاء الفعلي، هم العلمانيون المتطرفون، وأن أكثر ضحاياهم هم الإسلاميون بأفرادهم وجمعياتهم وأنشطتهم.
وحتى مجرد الحجاب -على سبيل المثال- ما زال يلقى في بلدنا، وفي بلدان أوروبية وغيرها، صنوفا من التضييق والرفض والإبعاد.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى