العلماء والربيع وتحرر الأمة
موقع جماعة العدل والإحسان
30/4/2014
دعنا ننطلق في هذا الحوار من سؤال عام عن دور العالِم في الأمة كما أراده الإسلام. ما هو تحديدا؟
لا شك أن أبلغ بيان وأقوى تعبير عن دور العلماء هو قوله صلى الله عليه وسلم: “العلماء ورثة الأنبياء“. وعليه فكل ما أنيط بالأنبياء من واجبات ووظائف، فهو منوط بالعلماء، فرسالة العلماء هي مواصلة رسالة الأنبياء مضمونا ومنهجا. فقط، الأنبياء يوحى إليهم والعلماء لا يوحى إليهم، وإنما يعملون بالوحي المنزل على الأنبياء. ومن هنا يأتي فارق آخر، هو عصمة الأنبياء، والعلماء ليسوا بمعصومين من الخلل والزلل. ولذلك فكل واحد -سوى الأنبياء- يؤخذ من كلامه ويرد، كما قال الإمام مالك رحمه الله. وما عدا هذين الفرقين، فرسالة العلماء هي رسالة الأنبياء.
ومعلوم أن أُولى وظائف النبي صلى الله عليه وسلم هي وظيفة التبليغ والبيان لِتُبينَ للناس ما نُزِّل إليهم . ولهذا فعلى العلماء أولا وقبل كل شيء تبليغ الناس ما جهلوه وبيان ما استشكلوه من أمور دينهم. وبيان العالم يُحتاج إليه أكثر ويكون وجوبه ألزم، عند وجود التباس في شيء من أمور الدين وأحكامه، أو وجود تلبيس أو تحريف يمس بالدين، أو يُستعمل فيه الدين. دور العلماء وواجبهم في هذه الأحوال هو البيان وعدمُ الكتمان، أن يقولوا الحق ولا يخافوا فيه لومة لائم، أن يزيلوا الشبهات والغشاوات. وكل ذلك مضمن في قوله تعالى وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ، وفي نصوص أخرى كثيرة.
فهذه هي المرتبة الأولى للعلماء، وهي مرتبة “العلماء البيانيين“ ، وهي ليست كل شيء، بل هناك مرتبة أعلى وأكمل، وهي مرتبة “العلماء الربانيين“ ، أو “العلماء الميدانيين“ ، وهم الذين يعيشون ويجاهدون ويصلحون في مختلف ميادين الحياة، ويمشون في الأسواق حسب التعبير القرآني. فالعلماء الربانيون الميدانيون هم الأكثر مطابقة لدور الأنبياء ورسالتهم، فهم يخالطون الناس وينخرطون في همومهم ومشاكلهم واحتياجاتهم الدينية والدنيوية. وهم الذين يسعون -بأقوالهم وأفعالهم- إلى إحقاق الحق وإزهاق الباطل، وإقامة المعروف وتغيير المنكر، وهم الذين ينصحون ويربون ويوجهون. وهذا هو تمام الاقتداء بالأنبياء ومواصلة رسالتهم.
فهذه إجمالا هي رسالة العلماء ودورهم في الأمة، ولذلك عُدُّوا في مقدمة (أولي الأمر) الذين يجب الرجوع إليهم وطاعتهم، إذا هم قاموا حيث أقامهم الله.
على كل حال، وكما هو معلوم، أحداث الربيع العربي لسنة 2011 جاءت بغتة، وتطورت بسرعة. فحتى الحركات الإسلامية، والتيارات السياسية المنظمة، لم تكن هي من بادر ودعا وقاد. وهذا لعله من أسباب النجاحات التي تحققت يومذاك.
لكن ما لا عذر فيه للعلماء والمشايخ -ولا لغيرهم- هو وقوف من يقفون ضد مطالب الشعوب وحركيتها وتطلعاتها وحقها في العدالة والحرية السياسية والكرامة المعيشية. وأسوأ منه اصطفاف بعضهم صراحة إلى جانب الظلم والفساد والاستبداد.
وقد ذكرت من قبل أن العلماء على مرتبتين: مرتبة العلماء البيانيين، ومرتبة العلماء الربانيين. وهناك فئةُ أشباهِ العلماء، وهم من حصلوا العلوم الشرعية، لكنهم لا يؤدون حق الله وحق العباد فيها. وأسوأ منهم أهل التدليس والتلبيس، الذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا، ويبيعون دينهم وعلمهم بعرَض من الدنيا قليل. وهؤلاء موجودون في كل زمان ومكان.
ألا ترى أيضا أن العلماء لا يصنعون الأحداث، وإنما يلتحقون بها ويعملون فقط على توجيه المسلمين إزاءها؟
إذا التحقوا بالأحداث ووجهوها بمقتضيات الشرع والعلم، فهذا جيد. وكما يقال: التأخر في الوصول خير من عدم الوصول. مع أن العلماء ليسوا بالضرورة زعماء وصناع أحداث، وليسوا حتما يصلحون للزعامة. وفي صناعة الأحداث، أتصور أن العلماء وغيرهم سواء، لكن توجيه الأحداث وتسديدها وترشيدها هو للعلماء قبل غيرهم. ولكن المشكل هو أن يبقوا بعيدين عن الأحداث متفرجين فيها، على اعتبار أن هذه سياسة، أو هذه فتنة. ولو فرضنا وجود فتنة فعلا، فمن لها غيرُ العلماء؟ وهل تقع الفتنة أصلا إلا بسبب غياب العلماء وسلبيتهم؟
هل وقوف أغلب العلماء إلى جانب السلطان، نابع من موقف شرعي أم سياسي؟ وما مدى صحة أدلتهم؟
الوقوف مع السلطان الشرعي في سياساته الشرعية، هذا واجب شرعي وموقف شرعي، أما الوقوف مع الظلمة الفاسدين فأعتقد أنه بالدرجة الأولى ليس لا سياسيا ولا شرعيا، بل هو موقف شخصي وحساب مالي، وقد سبق لي أن شرحت بعض ذلك منذ عدة سنوات في مقال أسميته “العلماء ومشكلة التملق والتورق”، وقد عَنَيتُ بالتورق الحرصَ على الأوراق النقدية والجريَ وراءها… ولذلك قال علال الفاسي رحمه الله عن بعض علماء عصره:
وكنتُ أرى تحت العمائم حاجةً
فما هي إلا أن يدوم المرتَّبُ
ثم هو بالدرجة الثانية موقف سياسي ممْلى ومفروض.
ثم ثالثا وأخيرا، يستدعون ويُشَغِّلون آلية التأصيل والتأويل.
وقد يكون ترتيب هذه العناصر مختلفا في حق بعض العلماء، ولكنْ في الجملة: هذه العناصر الثلاثة كلها حاضرة وفاعلة.
من المعلوم أن الإسلام نبت وأسس كيانَه الأولَ في بيئة لم تكن تعرف لا دولة ولا نظاما ولا سلطةً جامعة معترفا بها، فلذلك كان مما عمل على تثبيته وتربية الناس عليه أن يتعلموا العيش في ظل سلطة وأحكام وحدود. ولذلك كان من قواعده طاعة أولي الأمر منا. وهي طاعة في المعروف وفي حدود الشرع، أو بتعبير اليوم: الطاعة في حدود القانون. وهذه الطاعة تعني عدم التمرد على الأحكام وعلى الشرعية الصحيحة، أي عدم الرجوع إلى حالة الفوضى واللانظام. ومعلوم أن هذه الطاعة المذكورة في قوله تعالىيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ مسبوقة بقوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ، ومتبوعة بقوله سبحانه فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر .
فهي أولا طاعة لسلطة شرعية منبثقة (منكم).
وهي ثانيا قائمة على العدل وأداء الأمانات.
ثم هي ثالثا مشروطة -في حال الاختلاف والتنازع- بالرد إلى كتاب الله وسنة رسوله.
وهي في النهاية والمحصلة طاعة مشتركة متبادلة.
أما قضية العزل، فهي كقضية الاختيار، أو هي وجهها الآخر. وبصفة مبدئية عامة يجب عزل الحاكم متى أخل بشروط البيعة والتزاماتها. غير أن المشكلة ليست هنا، المشكلة في من سيتولى العزل، وكيف؟ الجواب النظري هو: أن العزل يتولاه أهل الحل والعقد. لكن الواقع العملي هو العكس، أي أن الحاكم هو من يعزل أهل الحل والعقد، ويستبدل بهم من لا يحلون شيئا ولا يعقدون إلا بأمره. إذاً المشكلة ليست فقهية ونظرية، وإنما هي مشكلة واقعية تاريخية. فلحد الآن لم ينجح المسلمون في تبني وتثبيت آلية محددة ومضبوطة لعزل الحاكم المنحرف، أو المخل بشروطه وواجباته، أو المنتهية ولايته أو قدرته. وهذه مسؤولية الجميع، وليست مسؤولية العلماء وحدهم.
ما دام سؤالكم يحيل إلى الاسترشاد بفقه الواقع، فنحن اليوم نعيش في واقع وفي عالم أصبح يسير أكثر فأكثر نحو الضبط القانوني الدستوري لكل ما يتعلق بالحكم ومؤسساته وصلاحياته… ومن ذلك ضبط طريقة تولية الحاكم، وطريقة عزله، وطريقة انتهاء ولايته. فلا بد أولا من التنصيص الدستوري الصريح على ذلك، ولا بد من تحديد الجهة التي يكون من اختصاصها النظر في مسألة العزل، على أن تكون جهةً مستقلة، وقادرة على ممارسة استقلالها وصيانته. وبدون هذا تبقى أبوابنا مفتوحة لجميع الاحتمالات. فالمسألة لا ينبغي أن تبقى منوطة بالفتوى والفتوى المضادة، المسألة أكبر وأخطر من أن يحلها العلماء وفتاواهم، لا الفردية ولا الجماعية.
كيف تنظر إلى ما سمي بالربيع العربي وخاصة في مصر وسوريا؟ وهل من حكمة ربانية في ما يقع من ابتلاء؟
الربيع العربي جاء تعبيرا عن الأزمة الخانقة والوضعية الحالكة، التي تعيشها البلدان العربية أنظمة وشعوبا. وحسبك أن شرارتها كانت عبارة عن عملية انتحار. وما زالت ظاهرة الانتحار الاحتجاجي السياسي تتوالى بمعظم الدول العربية. الانتحار احتجاجا على الحكام وأعوانهم، وعلى ما يصدر منهم من ظلم وقهر وإهانة، هذه ظاهرة جديدة، وهي من ظواهر الربيع العربي ومن تعبيراته المؤسفة المؤلمة.
كان المفروض أن يعقد الحكام العرب قمة طارئة لتدارس هذه الأزمة الخانقة والوضعية الحالكة، التي أوصلوا إليها شعوبهم، وأن يتحلوا في مثل هذه الحالة على الأقل بالشجاعة الأدبية والسياسية، ليعلنوا الإصلاحات والحلول الجذرية السريعة، بشكل انفرادي وجماعي. ولكن أكثرهم بادروا فقط إلى مزيد من تحصين أنفسهم والتترس خلف أسوارهم وجيوشهم وأجهزتهم. وبعضهم آلوا على أنفسهم أن يتصدوا بكل إمكاناتهم لكسر حركية الشعوب وتطلعاتها ودفنها قبل أن تزهر وتثمر.
وسواء في مصر وسوريا، أو في تونس واليمن، أو في غيرها من الدول العربية، فصراع الإرادات (الشعب يريد، والنظام يريد)، سيستمر طويلا، يشتد تارة ويخف تارة، يشتد هنا ويهدأ هناك، والحرب سجال يوم لك ويوم عليك.
ما الأهم إذا، وأنت رجل المقاصد، المطالبة بالحق، أم الخضوع والانهزامية؟ الاستقرار أم “الفتنة”؟
أما الخضوع والانهزامية والاستسلام أمام المنكر والفساد والظلم، فهذا لا يجوز في دين الله أبدا، قولا واحدا. والآيات والأحاديث في ذلك وفيرة شهيرة. ولكني لا أحصر نفسي عادة بين الثنائيات، ولا أجدني أبدا بين خيارين لا ثالث لهما، بل دائما هناك خيار ثالث ورابع وعاشر… المثل المغربي يقول ما معناه: من لم يكن له إلا باب واحدة، فليغلقها الله عليه.
فخيارات الفعل الإصلاحي ليست محصورة بين أحد أمرين: إما التسليم بما هو كائن، أو الفتنة، بل بينهما خيارات ودرجات عديدة. مع العلم أن مفهوم الفتنة نفسه قد تم توسيعه وتضخيمه، حتى أصبح مجرد كلمة حق، أو مجرد نصيحة فتنة، وعدم القيام لفلان أو علان من الناس فتنة.
صحيح لقد تحول الربيع في بعض حالاته إلى صيف قائظ أو خريف قاتل، وذلك بجهود القتلة الذين اعتادوا واستمرأوا قتل الشعوب. فالجيوش ما زالت بأيديهم، وإخوانهم يمدونهم في الغي، ويغدقون عليهم بقدر ما يقتلون ويسجنون. ولكن من سنة الله تعالى أن الفصول الأربعة تدور، ولن يضيع حق وراءه طالب.
إن التغيرات والآمال التي انفتح بابها مع الربيع العربي ليست بالهينة ولا بالمحدودة، إنها مسار نهضة وإصلاح وتصحيح، سيمتد إلى جميع الأصعدة، ويحتاج إلى زمن مناسب، وإلى معارك متنوعة. لذلك فمن الغلط الفادح الاعتقاد بأن ذلك سيمضي بسهولة وبلا عثرات ولا تحديات، كما أنه من الغلط الفادح الاعتقاد بأن الثمار ستجنى في بضعة أشهر، مثلما تجنى غلة البطاطس والطماطم. فالفساد الذي عمر وتجذر عهودا متطاولة، لا يمكن معالجته بين عشية وضحاها. ولكن في المجمل والمحصلة: أعتقد أن المستقبل للشعوب، ولمن ينحاز للشعوب، ولمن يستجيب للشعوب.
كيف تقرأ إلى حدود الآن تجربة الإسلاميين في الحكم؟ وما تقييمك لها؟
من حيث التفاصيل، لهم ما لهم، وعليهم ما عليهم، مع تفاوت في كل ذلك من حالة لأخرى.
ومن حيث الجملة فهم ناجحون. وأكبر دليل على نجاحهم هو الانقلاب عليهم وقطع تجربتهم بالقوة، كما وقع في الجزائر وفلسطين ومصر. وكما وقع بأشكال أخرى مع تجارب أخرى. لو كانوا فاشلين، أو ذاهبين إلى الفشل، لما تطلب الأمر الانقضاض عليهم بشكل سافر فاضح، وهم في بدايات تجاربهم.
هذا السؤال يحتاج إلى شروح وتفاصيل ومقارنات يطول فيها الكلام ولا يتسع لها المقام، منها من نعني بالعلماء؟ ومنها الفروق بين أوضاع مختلف البلدان العربية، ومنها أن الغياب عن حركة 20 فبراير لم يكن خاصا بالعلماء، فالأحزاب والنقابات وكثير من فصائل الحركة الإسلامية، وكثير من الشخصيات الفكرية والحقوقية… أيضا غابوا عن ذلك الحراك. وجماعة العدل والإحسان شاركت ثم انسحبت.
وعلى كل حال فحركة 20 فبراير لم تكن بداية التاريخ ولا نهايته، وإنما هي حلقة من حلقاته وصفحة من صفحاته.
لكل عالم خطوطه الحمراء وغير الحمراء. والعلماء الرسميون منهم من يقفون عند الضوء الأحمر، ومنهم من يقفون عند الضوء الأصفر، ومنهم من يقفون حتى عند الضوء الأخضر، فيتسببون في قطع الطريق وعرقلة حركة السير.
استهداف هوية المغرب وثوابته قائم على قدم وساق منذ قرن من الزمن، أي منذ فرض الحماية. لكن الجدل حوله هو الذي يخبو ثم يطفو. وأخطر ما فيه هو الاستهداف الثقافي والفكري والاجتماعي، الذي منه استهداف اللغة العربية والحالة الدينية للمجتمع.
ما هي الأعطاب التي تسجلها وينبغي على علماء المغرب والمؤسسات العلمية تجاوزها؟
أهم ما يحتاجه علماء المغرب هو التحرر من الوصاية الوزارية والإدارية، وأن يتحرروا من الخوف، وأن يحسوا برشدهم ومقامهم، ويتصرفوا على هذا الأساس.
هذه الأوصاف التي عبرتُ بها عما يجري بالمغرب، لها معناها الإيجابي، ولها مفهومها السلبي. فهي على كل حال تمثل خطوات إيجابية على الطريق، في الوقت الذي نجد فيه أنظمة عربية لم تحرك ساكنا إلا إلى الوراء، ولم تتعامل مع الحراك الشعبي ومطالبه إلا بأجهزة الجيش والشرطة. وأما المدلول السلبي لهذه الخطوات فهو أنها ما زالت بعيدة عن آمال الإصلاح الجدي والحقيقي المطلوب.
هل هذا بسبب غياب أو محدودية الإرادة السياسية؟ أو هو تخوف صانع القرار من الخطوات الجريئة وآثارها؟ أو هو تمنعٌ ومقاومة من مراكز الفساد وأربابه في الداخل والخارج؟ أو هو نقص ونكوص في الحراك الشعبي؟ الراجح أن هذه العوامل كلها تفعل فعلها.
الاتحاد العالمي والمخاض العسير
الاتحاد ما زال على موقفه المساند للشعوب العربية والإسلامية في مطالبها التحررية والإصلاحية، وفي مقدمتها شعوب الربيع العربي، والشعب الفلسطيني قبل ذلك وبعده. ولم أسمع من أحد من أعضائه وأعضاء مجلس أمنائه أن الاتحاد قد تسرع أو أخطأ في مواقفه من مجريات الربيع العربي.
أولا: الاتحاد لا يحدد للشعوب كيف تتحرر، ولا كيف تتحرك. هو يؤيد مطالبها وحقوقها وتحركاتها التحررية والإصلاحية. وكل شعب يتحرك بالطريقة التي تناسبه وتناسب أوضاعه. فالاتحاد لا يمارس أي دور قيادي أو ميداني للأحداث. هو فقط يقف مع الإصلاح، وضد الفساد والاستبداد.
أما استقالة شيخنا العلامة عبد الله بن بَيَّهْ من منصب نائب الرئيس ومن مجلس الأمناء، فترجع فيما ذكر هو بنفسه، إلى رغبته ومساعيه في القيام بوساطات وجهود توفيقية لا تتناسب مع بقائه في موقعه والتزامه في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وقد أعلن مؤخرا في أبو ظبي عن تأسيس (مجلس حكماء المسلمين)، أسندت رئاسته إليه. ونسأل الله تعالى له النجاح والتوفيق في مساعيه. وإن كنت شخصيا لا أنتظر خيرا من أي مبادرة تقف وراءها دولة المؤامرات العربية المتحدة. ولكن عسى بركة شيخنا وصدق نيته تتغلبان.
ما هو أفق الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بعد تأسيس إطار آخر للعلماء يتماهى أكثر مع مواقف النظم؟
وجود منظمات أخرى للعلماء كان قبل الاتحاد، وتأسست بعده منظمات جديدة، مستقلة أو تابعة، وكما قال الله تعالى كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا .
ما حظ الفقه السياسي في المراكز العلمية للعلماء وإنتاجاتها وخطابها؟
يتفق جل العلماء المعاصرين والدارسين المتخصصين على أن الفقه السياسي الإسلامي ظل على مر العصور ضعيفا، كما وكيفا. وأنا أعتبر أن الربيع العربي قد حرك رواكده ونشط خموله بشكل غير مسبوق. ولكن بروز تلك التأثيرات ونضجها يحتاج على الأقل إلى سنوات غير قليلة.
بصراحة الاتحاد ليس له رؤية سياسية استشرافية أو دراسات استراتيجية، وليس هذا من جملة انشغالاته وأولوياته. وهو على كل حال ليس دولة وليس تنظيما.
أما أهم المشاريع التي يشتغل عليها الآن فهي:
– تأسيس جامعة إسلامية بالمراسلة.
– تأسيس مشروع وقفي يكون له ريع يضمن له ولمؤسساته الانتظام في العمل وفي الاستقلالية.
– تأسيس مركز للدراسات والبحوث والإفتاء.
– هذا بالإضافة إلى عمله الدائم في توسيع أعضائه وإحياء رسالة العلماء وتفعيلها في شتى أنحاء العالم.
– والاتحاد مقبل على عقد مؤتمره الرابع (الجمعية العمومية) الصيف المقبل إن شاء الله تعالى.
ما هي الأولويات الملحة التي يجب على العلماء العمل عليها في المرحلة التاريخية التي تعيشها الأمة؟
من أهم ما يجب على العلماء حاليا، هو تكوين العلماء المخلصين المستقلين، للمستقبل.
حوار الشهر
موقع جماعة العدل والإحسان
تاريخ النشر: الأربعاء 30 أبريل/نيسان 2014